الثلاثاء، ٢٦ يونيو ٢٠٠٧

هل بارحت الإنقاذ محطة 1989 ؟
 

قبيلة الصحفيين ما أن تنتهي من معركة حتي تلوح لها في الأفق معركة جديدة. خرجت القبيلة الصحفية منددة بإعتقال أربعة من أبناءها وهم قذافي عبد المطلب من صحيفة ( الأيام ) الفاتح عبد الله صحيفة ( سوداني ) وأبو القاسم فرحنا ( ألوان ) وأبو عبيدة عوض (رأي الشعب) عندما سارعوا بالذهاب إلي منطقة كجبار في تغطية خبرية عن مجزرتها الأليمة.
        لا أود إثارة تساؤلات عن طبيعة الإعتقال ولا الهدف منه بإلقاء اللائمة علي السلطة من مخالفاتها للدستور الانتقالي و مخالفاتها للحقوق الصحفية والقانونية والإنسانية لصحفيين يقومون بدورهم في تمليك الحقائق لجماهير شعبهم عبر صحفهم والتي من أهم منابر الوعي.
       أحسب أن الصحفيون عبر أعمدتهم وصحفهم قالوا كل ما يمكن أن يقال في إعتقال زملائهم الشئ الذي لم يترك لنا ما نقوله سوى التنديد معهم بإعتقال الحقيقة ولجمها وإسكاتها باعتقال هؤلاء الشباب|، ومطالبة السلطة الحاكمة وأقول سلطة حاكمة دون التفريق بين ولائي وإتحادي لأن العقلية والنفسية التي نتعامل معها مجبولة ومدفوعة إلي هذا الفعل بحكم طبيعة هذا النظام السادر في   غيه الناظر من عليائه المترف إلي قضايا شعبنا وكافة قطاعاته المهنية والنقابية والحزبية ومؤسساته المدنية كأدوات لا بد من توفرها داخل مساحة أرض تسمى مجازاً بدولة, بإطلاق صراح الصحفيون أو تقديمهم لمحاكمة عادلة أو هللنا مهنئين ومنتصرين في معركة أنتهت بإطلاق صراحهم بعد أن ظن قادة النظام أن بإعتقالهم يمكن إعتقال الحقيقة ولكن عليهم إعتقال كل الفضاء لإعتقال الحقيقة.
ونتساءل هل خطابات التنديد ومواقف الشجب والإدانة كافية لمواجهة هذه العقلية المتسلطة الغير آبهة بكل شئ. ألم يحن أن تُتَخذ مواقف أكثر قوة وجرأة عبر أجسام ونقابات تمثل إرادة الصحفيين الحقيقية تكسبهم أراضي جديدة للعمل الصحفي الحر.
       وعلينا أن ننظر بعمق لعقلية وطبيعة هذا النظام فهل أدت كل التغيرات السياسية لتغيير منهج تفكيره. إذن علينا العودة القهقري إلي بدايات هذا النظام الحاكم بإقامة دولة الفضيلة والصدق والعدل والمساواة علي أرض السودان ومن ثم نشره في المحيط الإقليمي ثم تتسع الدائرة لإخضاع كل العالم لتصورات وأوهام ما كان لها أن تنبت إلا في هذه العقول الصدئة والمتوهمة وذلك بإحكام السيطرة الكاملة علي الدولة إقتصادياً عبر سياسة التمكين وإعلامياً عبر برمجتها المتكاملة لإعادة صياغة الإنسان السوداني بما يتفق وروح المشروع الحضاري الإسلامي كما يتصورون ويتوهمون وذلك بالإستخدام المفرط للقوة الأمينة والعسكرية والتي أعيدت صياغتها بذات الأدوات والمناهج لتخدم مشاريعهم العظيمة – قام هذا النظام لتطبيق برامجه بحماسة فائقة إستسهل معها تقديم أرواح أبناءه رخيصة في سبيل تحقيق شعاراته الجوفاء التي ملأ بها أسماع الدنيا وإستعدى بها كل العالم.
       جُوبه النظام بمقاومة مسلحة عنيفة في الجنوب وبمقاومة القوة السياسية الوطنية داخلياً وخارجياً لمجابهة تداعيات تنفيذ مختطاته وأهدافه لإعادة الحياة الدستورية والنقابية لديمقراطية فشلوا في الحفاظ عليها ويتحملون تبعات زوالها فإشتعل الوطن حرباً في كل الجبهات وحُوصر النظام من قبل كل العالم إقتصادياً وسياسياً وإستطاع هذا النظام بميكافيليته المتطورة وما أسعفته به عقلية منظريه من فقه الضرورة الصمود بصورة عجزت معها كل القوة الدولية والإقليمية والمحلية في إسقاطه ولكن أسهمت إلي حد كبير الي إيقاظ النظام من حلمه المتوهم إلي واقعية قدّم من خلالها النظام من التنازلات ما أفضي إلى إتفاقية جبال النوبة ثم ميشاكوس ومن ثم التوقيع علي إتفاقية السلام التي أدت الي إستقرار نسبي في جنوب السودان المثخن بجراح الفقر والجوع والجهل والمرض، وكذلك قادته سياساته إلي إتفاقية أبوجا القادمة تحت ضغط المقاومة المسلحة في دافور المستجيبة لعقلية النظام المتحدية دوماً لمعارضيها للمنازلة المسلحة.
       وبرغم ما شاب ميشاكوس من قصور يتمثل في ثنائية الإتفاق لكن فرحنا بها فرحة الأطفال في يوم عيد بلباسهم الجديد وقلنا أن هذا النظام يمكن أن يتمرن علي الممارسة الديمقراطية عبر ما سُن من دساتير وقوانين هي أصلاً مفقودة في الأفق التنظيمي والتربوي والعقلي والنفسي للمتوسدين رفاهية السلطة من أبناء هذا النظام منذ بدايته وحتي الآن دون تغيير يذكر علي مستوي القيادة إلا فيما إقتضته ضرورة إنتقال النحلة من زهرة إلي زهرة لجمع الرحيق وصنع العسل ومن ثم الدفاع عنه بلسعاتها القاتلة.
يقول شيخ السلام إبن تيمية أمران ما إن مسا طبيعة النفس البشرية إلا وأحدثا تأثيراً في طبيعة الإنسان وسلوكه وهما السلطة والمال ونلاحظ أن إبن تيمية كان يتحدث عن العقلية المؤمنة الصادقة قكيف بعقلية أجادت إقتناص كل الفرص المتاحة لتثبيت نفسها في كراسي السلطة إقتصادياً وعسكرياً دون مراعاة لشعبٍ 95% منه دون حد الفقر ودولة هم مسؤلون عن حدودها وأمنها فقد إستلموها مليون ميل مربع كاملة العدد، ولا نعلم ما يمكن أن تنحسر إليه هذه المساحة فقد تنحصر فى مثلث التنمية المقدم من القطاع الإقتصادي للمؤتمر الوطني في مؤتمره الإقتصادي وعلي رأسه المتمكن حمدي ( من سياسة التمكين ) أم تنحسر المساحة إلي ما يمكن أن يحفظ لهم ما حققوه من مكاسب في زمنهم المتطاول في السلطة.
       ولنكون أكثر عمقاً في تحليل عقلية وطبيعة إصدار القرار داخل هذه المنظومة وما خلفته من جيوش من الإنتهازيين والطفيليين المتمددين في أوردة وشرايين وعصب هذا الوطن، نحن أمام عقلية إحترفت المتاجرة في كل شئ بدءاً بالدين والقيم إنتهاءاً بكل ما يمكن أن يباع ويشتري وذلك في وضع نفسي وروحي يصعب معه علي أعظم الإختصاصيين النفسيين والإجتماعيين تفسيره قهر وظلم قتل ودم فصل وتشريد نهب وسلب ثم نور وقرآن وتهليل وتكبير. أهو ذات الدين الذي أخرج لنا أبوبكر رضي الله عنه في إيمانه وتقواه والفاروق في عدله وزهده وعثمان في تقواه وصبره علي الموت في داره ودمه الذكي يبلل صفحات مصحفه الطاهر وهو رافض أن تراق دماء المسلمين بسببه وعلي كرم الله وجهه الورع العالم التقي أم هي زيادية وحجّاجية القرن الـ21 الصاعدة علي أعتاب دم الحسين.
       فما بين مطالب شد الحجارة علي البطون والزهد في هذه الدنيا الفانية ومظاهر الرفاة والسلطة بون شاسع شاسع يوضح بجلاء هذا الإنقسام النفسي والروحي والأخلاقي حيث لم يبقي من مظاهر التدين سوى إذاعة سمّت نفسها الكوثر لمدح خير الناس صلي الله عليه وسلم الذي عظمه وكرمه وشهد له ربه حيث قال تعالي ( وإنك لعلي خلق عظيم ) في إنتهازية واضحة للإرث الصوفي السوداني ومشايخه الكرام وكأن القيم التي دعا إليها هذا الدين العظيم ودعا لإنتهاجها والتمسك بها من صدق وعدل وأمانة وحرمة الدماء والوفاء بالعهود ... قامت عليها دعائم هذه الدولة ولم يتبقي لنا سوى الإستماع لهذا الأدب الصوفي الجميل.
       وتكشف تقارير المراجع العام النهب المتزايد للمال العام، كما إزداد بيع مؤسسات الدولة وإستثماراتها بالصفقات المشبوهة مع الشركاء الجدد من العرب والآسيويين حتي لو كان ذلك ملطخ بدماء الأبرياء وأمري وكجبار شواهد علي ذلك.
       بما لا شك فيه أن إتفاقية السلام وإتفاقية القاهرة وإتفاقية أبوجا أوجدت واقعا جديداً في الساحة السياسية يجعلنا نتساءل هل ستكتفي القوة السياسية بخطابات الشجب والإدانة وتعرية سلوك النظام أما آن الأوان لقيادة عمل سياسي أكثر حسم وجدية وجرأة بآليات عمل مبتكرة وجديدة تسهم في خلق الوعي السياسي والعمل التنظيمي المنضبط لخوض الإنتخابات القادمة وفقاً للدستور- والتي يتباهى المؤتمر الوطني وهو ممسك بالقلم ودون شك لن يكتب نفسه شقي بقدرته علي حسمها- بدل الإعتماد علي الولاءات الطائفية والقبلية والتقليدية الواقعة تحت عصي السلطة وجزرة التنمية.
       حتى متي يظل الوجود داخل المجلس الوطني وجودا تكميلياً أم أن الكندشة الباردة والمقاعد الوثير والطعام الدسم والحوافز المغرية أنستهم الإحساس بمسغبة شعبنا وقضاياه المثخنة بدماء الأبرياء أما نحتاج إلي مواقف أكثر وضوحاً ومضاءاً وحسماً ونعلم علم اليقين أن لا عودة إلي حمل السلاح ولو أدي ذلك علي الإبقاء علي عمر الإنقاذ ألف عام أخري ( سيبتسم الإنقاذيون بسخرية ) أما آن الأوان من كل القوة الوطنية حزبية كانت أو نقابية السير قدماً في طريق واحد لا نتنكبه بسبب ما يثيره المؤتمر الوطني من الغبار وزر الرماد فى العيون و كل ذلك يحتاج إلي مجهود جبار يبذل وسط كم هائل من الإحباطات المتراكمة والفقر المدقع والقهر والظلم المتطاول لهذا النظام.
       وما نؤكده أن هذا النظام وعبر تصرفاته الرعناء في كجبار ودارفور وشرق السودان لم يبرح مكانه منذ عام 1989م إلا فيما إقتضته الظروف في تغيير جلده كل ما دفعته الضرورة إلي ذلك حتي لو دعي الأمر إلي التخلص من شيخهم ومعلمهم وأخوة لهم بالزج بهم في غياهب السجون أهي غريزة حب البقاء التي تدفع الأم لأكل وليدها أم هي بالفهم الشعبي السوداني ( اتغدوا بيهم قبل ما اتعشوا بيهم ).
 
بقلم : عمر فضل عبد الودود
 


Yahoo! Answers - Get better answers from someone who knows. Try it now.

هناك ٩ تعليقات:

غير معرف يقول...

مليون شهيد فداء كجبار

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

لا لا لاسد كجبار بارض النوبة نحن احرار

غير معرف يقول...

ما عليه هو طرد الخونة والماجورين او مقاطعتهم مثل البضائع الاسرائلية

غير معرف يقول...

But now she has a chance to shine as a famous fashion designer, or so she thinks. uggs outlet They are available in several designs and variety. ghd straighteners cheap Unfortunately, I still can enter CSB premises. ghd sale Any seller who has misrepresented an item on Tradesy is banned, and the cost of the item is refunded in full to the buyer. http://www.verynorthface.com Another favorite color is green.

غير معرف يقول...

Even though lambskin is much more precious than caviar leather, it does not hold up as well in humid weather and is more vulnerable to scratches. north face She had black punk hair and she promised to get me pants that would fit on his hips, which she did. north face jackets And Shoket still claims that Seventeen has never will alter its models bodies statement that contradicts the very accusation Bluhm (and her 85,000 supporters) made with her petition.. http://www.verynorthface.com It first started out as a hobby, and then it flourished in her hometown so she decided to pursue fashion as a career in college. ghd straighteners Works with inkjet printers only.

غير معرف يقول...

Bathing room contains each of those frosty together with water process with the help of brought in PPR/UPVC conduits equipments.. ghd JimiGiovanni Urquiaga is a 20-year-old Cuban American and burgeoning fashion designer. ugg boots outlet Once they are ready to take on their new roles, teaming up is an excellent way to begin. http://www.oneghdhair.com I am one of those who are humbled by people's reaction to me and my work. north face Precisely because they grow up, my mother is getting old.

غير معرف يقول...

You want to make sure all of your shirts rest on your shoulders right and arm length is correct. ugg Many people love denim since it is not only comfortable but it is also stylish. ghd straighteners If this isn't the case, I might read the other books; but at the moment I just think it works better as a single story. http://www.manyghdhair.com About considering change in your life, moving on, taking risks. ghd You need to pursue your passion with a readiness to fail at first, but the ability to always get back up and continue.

غير معرف يقول...

لله درك يا ابن بطوطة